وقال أبو حنيفة وأصحابه والثورى: يجوز بيع الغائب على الصفة وغير الصفة، وللمشترى خيار الرؤية إن وجده على الصفة. وروى مثله عن ابن عباس والشعبى والنخى والحسن البصرى. وللشافعى قولان: أحدهما كقول أبى حنيفة. والثانى: لا يجوز شراء الأعيان الغائبة. وهو قول الحكم وحماد، واحتج الشافعى بأن مالكًا لم يجز بيع الثوب المدرج فى جرابه ولا الثوب المطوى فى طيه حتى ينشر أو ينظر إلى ما فى جوفهما، وذلك من الغرر، وأجاز بيع الأعدال على الصفة والبرنامج، فأجاز الغرر الكثير ومنع اليسير، فيقال له: قد سئل مالك عن هذا فقال: فرق ما بين ذلك الأمر المعمول به وما مضى من عمل الماضين أن بيع البرنامج لم يزل من بيوع الناس الجائزة بينهم، وأنه لا يراد به الغرر ولا يشبه الملامسة. واحتج الكوفيون فى جواز بيع ما لم ير بأن النبى - عليه السلام - نهى عن بيع الحب حتى يشتد، فدل ذلك على إباحة بيعه بعدما يشتد، وهو فى سنبله؛ لأنه لو لم يكن كذلك لقال: حتى يشتد ويزال من سنبله، فلما جعل الغاية فى النهى عنه هى شدته ويبوسته، دل على أن البيع بعد ذلك بخلاف ما كان عليه فى أول مرة، ودل ذلك على جواز بيع ما لا يراه المتبايعان إذا كانا يرجعان منه إلى معلوم، كما يرجع فى الحنطة المبيعة المغيبة فى السنبل إلى حنطة معلومة.