واحتجوا أيضًا بأن الصحابة تبايعوا الأشياء الغائبة، فباع عثمان من طلحة دارًا بالكوفة بدار بالبصرة، وباع عثمان من عبد الرحمن فرسًا بأرض له، وباع ابن عمر من عثمان مالا له بالوادى بمال له بخيبر، وليس فى الأحاديث عنهم صفة شىء من ذلك. واحتج أهل المقالة الأولى أن قالوا: إن تبايع الصحابة للأشياء الغائبة محمول إما على الصفة، وإما على خيار الرؤية، وفى الخبر أن عثمان قيل له: غُبنِت. فقال: لا أبالى، لى الخيار إذا رأيت. فترافعا إلى جبير بن مطعم فقضى بالبيع، وجعل الخيار لعثمان لأجل الغبن. قالوا: وقد صحت الأخبار بنهيه عليه السلام عن بيع الملامسة والمنابذة، وإنما كان سبب بطلان ذلك أن المبيع كان يدخل فى ملك المبتاع قبل تأمله إياه ووقوفه على صفته، فكل ما اشترى كذلك من غير صفة ولا رؤية فحكمه حكم بيع الملامسة والمنابذة. وإما قول الشافعى: إن البيع على الصفة وبيع البرنامج من بيوع الغرر. فالجواب عنه: أن الصفة تقوم مقام المعاينة؛ لأن العلم يقع بحاسة السمع والشم والذوق كما يقع بحاسة العين. وقد أجاز الجميع بيع الطعام المصبر، والجوز فى قشره، والحب فى سنبله للحاجة إلى ذلك؛ ولأن القصد لم يكن إلى الغرر، فكذلك يجوز بيع الأعدال على الصفة والبرنامج لضرورة الناس إلى البيع لأنهم لو منعوا منه منعوا من وجه يرتفقون به من فتح الأعدال ونشرها؛ لمشقة ذلك عليهم، فإنه قد لا يشتريها من يراها، فجاز بيعها على الصفة؛ لأنها تقوم مقام العيان، كما تقوم فى