رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بزمعة لا لدعوة ابنه؛ لأن دعوة الابن للنسب لغيره من أبيه غير مقبولة، ولكن لأن أمه كانت فراشًا لزمعة بوطئه إياها. واحتجوا فى ذلك بما رواه مالك، عن نافع، عن صفية بنت أبى عبيد، أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يدعونهن يخرجن، لا تأتينى وليدة يقر سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن. وفى حديث آخر: ما بال رجال يطئون ولائدهم، ثم يعزلونهن. وخالفهم فى ذلك آخرون، فقالوا: ما جاءت به هذه الأمة من ولد، فلا يلزم مولاها إلا أن يقربه، فإن مات قبل أن يقربه لم يلزمه. وهو قول الكوفيين. واحتجوا على ذلك بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما قال لعبد بن زمعة: (هو لك يا عبد بن زمعة) ، ولم يقل: هو أخوك، فيجوز أن يكون أراد بقوله:(هو لك) ، أى هو مملوك لك بحق مالك عليه من اليد، ولم يحكم فى نسبه بشىء، والدليل على ذلك أنه قد أمر سودة بالاحتجاب منه، فلو جعله ابن زمعة لما حجب منه بنت زمعة؛ لأنه عَلَيْهِ السَّلام لا يأمر بقطع الأرحام، وإنما كان يأمر بصلتها ومن صلتها التزاور، وكيف يجوز أن يأمرها أن تحتجب من أخيها، وهو يأذن لعائشة أن تأذن لعمها من الرضاعة بالدخول عليها، ولكن وجه ذلك أنه لم يكن حكم فيه بشىء غير اليد التى جعله بها لعبد ولسائر ورثة زمعة دون سعد. واحتجوا أيضًا بما رواه شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة،