القصار: فعنه جوابان: أحدهما: أنه كان يدعى عبد بن زمعة أنه حر وأنه أخوه ولد على فراش أبيه، فكيف يقضى له بالملك؟ ولو كان مملوكًا لعتق بهذا القول. والجواب الثانى: أنه لو قضى له بالملك لم يقل: الولد للفراش؛ لأنه المملوك لا يلحق بالفراش، ولكان يقول: هو ملك لك. وقال المزنى فى تأويل هذا الحديث: يحتمل أن يكون النبى (صلى الله عليه وسلم) أجاب فيه على المسألة فأعلمهم بالحكم أن هذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنا، لا أنه قبل قول سعد على أخيه عتبة، ولا على زمعة قول ابنه عبد بن زمعة أنه أخوه؛ لأنه كل واحد منهما أخبر عن غيره، وقد أجمع المسلمون أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره، فحكم بذلك ليعرفهم كيف الحكم فى مثله إذا نزل، وقد حكى الله مثل ذلك فى قصة داود إذ دخلوا عليه ففزع منهم:(فقالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض)[ص: ٢٢] ، ولم يكونا خصمين، ولا كان لواحد منهما تسع وتسعون نعجة، ولكنهم كلموه ليعرف ما أرادوا، فيحتمل أن يكون، عَلَيْهِ السَّلام، حكم فى هذه القصة بنحو ذلك، ويحتمل أن تكون سودة جهلت ما علم أخوها عبد بن زمعة فسكتت، فلما لم يصح أنه أخ لعدم البينة بذلك أو الإقرار ممن يلزم إقراره، وزاده بعدًا شبهه بعتبة، أمرها بالاحتجاب منه، فكان جوابه، عَلَيْهِ السَّلام، على السؤال لا على تحقيقه زنا عتبة بقول أخيه، ولا بالولد أنه لزمعة بقول ابنه، بل قال:(الولد للفراش على قولك يا عبد بن زمعة لا على ما قال سعد) ، ثم أخبر بالذى يكون إذا ثبت مثل هذا.