عن أبى العلاء يزيد بن عبد الله، عن عياض بن حمار، وهذا معارض لما روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) من قبول هدايا المشركين، فهو ناسخ لها. قيل: يحتمل أن يكون ترك قبول هديته لما فى ذلك من التأنيس والتحاب، ومن حاد الله وشاقه حرم على المؤمنين موالاته، ألا ترى أنه عَلَيْهِ السَّلام جعل علة ردها لما لم يسلم، وقد روى معمر، عن الزهرى، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: جاء ملاعب الأسنة إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) بهدية، فعرض عليه النبى (صلى الله عليه وسلم) الإسلام فأبى أن يسلم، فقال عَلَيْهِ السَّلام:(فإنى لا أقبل هدية مشرك) . فدل هذا الحديث على مثل ما دل عليه حديث عياض، وبان به أن قبول النبى (صلى الله عليه وسلم) هدية من قبل هديته من المشركين إنما كان على وجه التأنيس له والاستئلاف، ورجاء إنابتهم إلى الإسلام، ومن يئس من إسلامه منهم رد هديته. وقال الطبرى: قبول النبى (صلى الله عليه وسلم) هدايا المشركين إنما كان نظرًا منه للمسلمين وعودًا بنفعه عليهم، لا إيثارًا منه نفسه به دونهم، وللإمام قبول هدايا أهل الشرك وغيرهم، إذا كان ما يقبله من ذلك للمسلمين، وأما رده هدية من رد هديته منهم، فإنما كان ذلك من أجل أنه أهداها له فى خاصة نفسه، فلم ير قبولها، تعريفًا منه لأئمة أمته من بعده أنه ليس له قبول هدية أحد لخاصة نفسه.