وترجم له:(باب الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ) . اختلف العلماء فى تأويل هذا الحديث، فذهب قوم إلى أن النكاح على سورة من القرآن مسماة جائز، وقالوا: معنى ذلك أن يعلمها تلك السورة، هذا قول الشافعى. وقال آخرون: لا يكون تعليم القرآن مهرًا، هذا قول مالك، والليث، وأبى حنيفة، وأصحابه، والمزنى، إلا أن أبا حنيفة، قال: إذا تزوج على ذلك فالنكاح جائز، وهو فى حكم من لم يسم لها مهرًا، فلها مهر مثلها إن دخل بها، وإن لم يدخل بها فلها المتعة. وقال الشافعى: قوله عليه السلام: (التمس شيئًا) ، أو:(هل عندك شىء) ، ثم قال:(قد زوجتكها بما معك من القرآن) ، يدل أنه يجوز أن يكون تعليم القرآن وسورة منه مهرًا؛ لأن تعليم القرآن يصح أخذ الأجرة عليه، فجاز أن يكون صداقًا؛ لأنه التمس الصداق بالإزار وخاتم الحديد ثم بتعليم القرآن. قال: ولا فائدة لذكر القرآن فى الصداق غير ذلك، واحتج عليه الطحاوى، فقال: قوله عليه السلام: (قد زوجتكها بما معك من القرآن) ، خاص للنبى (صلى الله عليه وسلم) لا يجوز لغيره، وذلك أن الله أباح لرسوله (صلى الله عليه وسلم) ملك البضع بغير صداق، ولم يجعل ذلك لأحد غيره؛ لقوله تعالى:(وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)[الأحزاب: ٥٠] ، فكان له عليه السلام مما خصه الله من ذلك أن يملك غيره ما كان له ملكه بغير صداق، فيكون ذلك خاصًا له كما قال الليث: لا يجوز لأحد بعد النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يتزوج بالقرآن، والدليل على صحة ذلك أنها قالت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) : قد وهبت نفسى لك، فقام الرجل، فقال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها،