مالك فى ذلك، فقال: ليس له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة، وهو قول أبى حنيفة، والشافعى، وقال مرة: له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة. ووجه القول الأول حديث عائشة، أن النبى، عليه السلام، كان إذا سافر أقرع بين نسائه، وفعله سنة لا يجوز العدول عنها. ووجه القول الثانى أن له ذلك بغير قرعة هو أن ضرورته فى السفر أشد منها فى الحضر، فيحتاج إلى من هى أرفق به من نسائه، وأعون له على أموره، وأقوى على الحركة، فلذلك جاز له بغير قرعة. قال المهلب: وفيه العمل بالقرعة فى المقاسمات والاستهام، وقد تقدم فى كتاب القسمة والشركة، وهو مذكور أيضًا فى آخر كتاب الشهادات والأيمان. وفيه: أن القسم يكون بالليل والنهار، وقد بان ذلك فى حديث عائشة، قالت: فكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، ذكره البخارى فى باب القرعة فى المشكلات فى آخر كتاب الشهادات، فى غير موضع. وفيه: أن الاستهام بين النساء من السنن وليس من الفرائض، يدل على ذلك أن مدة السفر لا تحاسب بها المتخلفة من النساء الغادية، بل يبتدئ القسم بينهن إذا قدم على سبيل ما تقدم قبل سفره، ولا خلاف بين أئمة الفتوى فى أن الحاضرة لا تقاضى المسافرة بشىء من الأيام التى انفردت بها فى السفر عند قدومه، ويعدل بينهن فيما يستقبل، ذكره ابن المنذر، عن مالك، والكوفيين، والشافعى، وأبى عبيد، وأبى ثور.