قال المهلب: وفى تحيل حفصة على عائشة فى بدل بعيرها فى الركوب دليل على أنه ليس من الفروض؛ لأن حفصة لا يحل لها من النبى (صلى الله عليه وسلم) إلا ما أباحه لها وبذله من نفسه، وقد تحيلت ولم يبين لها النبى (صلى الله عليه وسلم) أن ذلك لا يحل لها. وذكر ابن المنذر أن القسمة تجب بينهن كما تجب النفقة، وهذا يدل أن القسم بينهن فريضة، وقول أهل العلم يدل على ذلك، قال مالك: الصغيرة التى قد جومعت والكبيرة البالغ فى القسم سواء. وقال الكوفيون فى المرأة لم تبلغ إذا كان قد جامعها: أنها والتى قد أدركت فى القسم سواء، وهو قول أبى ثور. وقال الشافعى: إذا أعطاها مالاً على أن تحلله من يومها وليلتها فقبلت، فالعطية مردودة، وعليه أن يوفيها حقها. قال المهلب: ففيه أن دعاء الإنسان على نفسه عند الحرج وما شاكله يعفو الله عنه فى أغلب الحال؛ لقوله تعالى:(ولو يجعل الله للناس الشر)[يونس: ١١] ، وفيه أن الغيرة للنساء مسموح لهن فيها وغير منكر من أخلاقهن، ولا معاقب عليها ولا على مثلها لصبر النبى، عليه السلام، لسماع مثل هذا من قولها، ألا ترى قولها له: أرى ربك يسارع فى هواك، ولم يرد ذلك عليها ولا زجرها، وعذرها لما جعل الله فى فطرتها من شدة الغيرة.