أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ: فَقَالَ: (لا، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ) ، فَنَزَلَتْ:(يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (إِلَى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ)[التحريم: ٤] لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) [التحريم: ٣] بِقَوْلِهِ: (بَلْ شَرِبْتُ عَسَلا) . أما ما ذكره البخارى عن ابن عباس أنه قال: إذا حرم الرجل امرأته فليس بشىء، يعنى فليس بتحريم مؤبد، وعليه كفارة يمين، روى يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إذا حرم الرجل امرأته فهى يمين يكفرها، أما لكم فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة؟ وروى عنه أن عليه كفارة الظهار، وقد تقدم ذلك فى الباب قبل هذا، وتقدم فيه مذاهب الفقهاء فى هذه المسألة. وقال الطحاوى: روى فى قوله تعالى: (لم تحرم ما أحل الله لك)[التحريم: ١] ، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (لن أعود لشرب العسل) ، ولم يذكر يمينًا، فالقول هو الموجب للكفارة، إلا أنه يوجب أن يكون قد كان هناك يمين؛ لقوله تعالى:(قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)[التحريم: ٢] ، فدل هذا أنه حلف مع ذلك التحريم. وقال زيد بن أسلم فى هذه الآية: إنه حلف، عليه السلام، ألا يطأ مارية أم ولده، ثم قال بعد ذلك: هى حرام، ثم أمره الله فكفر، فكانت كفارته ليمينه لا لتحريمه. قال ابن المنذر: والأخبار دالة على أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان حرم على نفسه شربة من عسل، وحلف على ذلك، فإنما لزمته الكفارة ليمينه لا لتحريمه ما أحل الله له، فلا حجة لمن أوجب فيه كفارة يمين.