قال المهلب: قوله تعالى: (يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك)[التحريم: ١] ، هذا فيما لم يشرع فيه التحريم من المطاعم وغيرها والإماء، وأما الزوجات فقد شرع الله التحريم فيهن بالطلاق، وبألفاظ أخر مثل الظهار وغيره، فالتحريم فيهن بأى لفظ فهم أو عبر عنه لازم؛ لأنه مشروع، وغير ذلك من الإماء والأطعمة والأشربة، وسائر ما يملك ليس فيه شرع على التحريم، بل التحريم فيه منهى عنه؛ لقوله تعالى:(لم تحرم ما أحل الله لك)[التحريم: ١] ، وهذه نعمة أنعم الله بها على محمد وأمته بخلاف ما كان فى سائر الأديان. ألا ترى أن إسرائيل حرم على نفسه أشياء، وكان نص القرآن يعطى أن من حرم على نفسه شيئًا أن ذلك التحريم يلزمه، وقد أحل الله ذلك الإلزام إذا كان يمينًا بالكفارة، فإن لم يكن بيمين لم يلزم ذلك التحريم إنعامًا من الله علينا وتخفيفًا عنا. وكذلك ألزمنا كل طاعة جعلناها لله على أنفسنا كالمشى إلى بيت الله الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ومسجد إيلياء، وجهاد الثغور، والصوم، وشبه ذلك ألزمنا هذا، لما فيه لنا من المنفعة، ولم يلزم ما حرمناه على أنفسنا، ألا ترى قوله تعالى:(لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك)[التحريم: ١] ، فلم يجعل الله تعالى لنبيه، عليه السلام، أن يحرم إلا ما حرم الله،) والله غفور رحيم) [التحريم: ١] ، أى قد غفر الله لك ذلك التحريم. وفيه من الفقه: أن إفشاء السر وما تفعله المرأة مع زوجها ذنب ومعصية تجب التوبة منه؛ لقوله:(إن تتوبا إلى الله)[التحريم: ٤] ،