للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى قولهم: إن السكران إذا ارتد لم يستتب فى حال سكره ولم يقتل، دليل على أن لا حكم لقوله، ورد المهلب هذا القول، فقال: معلوم فى الأغلب من الحال أن السكران إذا طلق لم يذهب جميع عقله، والدليل على ذلك أنه أوقع الطلاق، فقد نطق بكلام مفهوم، وقد شرط الله فى حد السكران الذى تبطل الصلاة به وغيرها أن لا يعلم ما يقول، وهذا المطلق يعلم ما يقول، وقصد بالطلاق معنى معلومًا فى السنة، واستدللنا أنه علم ما قال؛ لأنه قاله لمن لا يقال إلا له فصح قصده الطلاق، فوجب إلزامه له. قال ابن القصار: إن شرب السكران للتداوى جائز، ولا حد فى السكر منه كما هو فى الخمر، فلا يقع طلاقه. فيقال لهم: إن شرب الدواء لغير مصلحة، ولكن ليزيل عقله، فإن طلاقه عندنا يقع. قال المهلب: ولا حجة لمن لم يجز طلاق السكران فى حديث حمزة حين سكر؛ لأن الخمر حينئذ كانت مباحة، فلذلك سقط عنه حكم ما نطق به فى حال سكره، وهذه القصة كانت سبب تحريم الخمر، فليس يجب أن نحكم بما كان قبل تحريم الخمر على ما كان بعد تحريمها؛ لاختلاف الحكم فى ذلك، وقد ذكرت فى كتاب الأشربة، فى باب ما جاء أن الخمر ما خامر العقل اختلاف العلماء فى حد السكر الموجب للحد ما هو. قال ابن المنذر: وأجمع العلماء على أن طلاق المعتوه والمجنون لا يلزم وقد احتج فى ذلك على بن أبى طالب فى هذا الباب بما فيه مقنع. قال مالك: وكذلك المجنون الذى يفيق أحيانًا يطلق فى حال

<<  <  ج: ص:  >  >>