جنونه، والمبرسم قد رفع عنه القلم لغلبة العلم أنه فاسد المقاصد، وأن أفعاله وأقواله مخالفة لرتبة العقل. قال المهلب: ومعنى قوله عليه السلام: (أبك جنون) ، يعنى فى بعض أوقاتك، ولو أراد أبك جنون الدهر كله ما وثق بقوله أن به جنونًا، وإنما معناه أبك جنون فى غير هذا الوقت، فيكون قولك: إنك قد زنيت فى وقت ذلك الجنون، وإنما طلب شبهة يدرأ عنه الحد بها؛ لأن المجنون إنما يحمل أمره على فقد العقل وفساد المقاصد فى وقت جنونه، والسكران أصله العقل، والسكر إنما هو طارئ على عقله، فما وقع منه من كلام مفهوم فهو محمول على أصل عقله حتى ينتهى إلى فقدان عقله. واختلفوا فى الخطأ والنسيان فى الطلاق، فقالت طائفة: من حلف على أمر أن لا يفعله بالطلاق ففعله ناسيًا لم يحنث، هذا قول عطاء، وهو أحد قولى الشافعى، وبه قال إسحاق، وروى عن نافع فيمن حلف بالطلاق وهو لا يريده فسبقه لسانه يدين فيما بينه وبين الله تعالى، وكذلك قال الشافعى فيمن غلبه لسانه بغير اختيار منه، فقوله كلا قول، ولا يلزمه طلاق ولا غيره. وروى عن الشعبى، وطاوس فى الرجل يحلف على الشىء، فيخرج على لسانه غير ما يريد له نيته، وحققه أحمد. وقال الحكم: يؤخذ بما تكلم به، وممن أوجب عليه الحنث مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، وربيعة، والزهرى، وهو قول مالك، والثورى، والكوفيين، وابن أبى ليلى، والأوزاعى. وحجة من لم يوجب الحنث عليه قوله:(الأعمال بالنيات) ،