وأيضًا فإن التسكين إنما كان فى الحول حين كانت العدة حولاً والسكنى مرتبطة بها، فلما نسخ الله الحول بالأربعة أشهر وعشر، استحال أن يكون سكنى فى غير عدة، والله الموفق. وأما ابن عباس، فإنه دفع السكنى للمتوفى عنها زوجها، وقال: قوله عز وجل: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا)[البقرة: ٢٣٤] ، ولم يقل: يعتددن فى بيوتهن، ولتعتد حيث شاءت، وذهب إلى قول ابن عباس: أن المتوفى عنها زوجها تعتد حيث شاءت، على بن أبى طالب، وعائشة، وجابر، ومن حجتهم أن السكنى إنما وردت فى المطلقة، وبذلك نطق القرآن وإيجاب السكنى إيجاب حكم، والأحكام لا تجب إلا بنص كتاب أو سنة أو إجماع، وقد ذكرت اختلاف أهل العلم فى ذلك فى باب قصة فاطمة بنت قيس، فأغنى عن إعادته. وقال إسماعيل بن إسحاق: أما قول ابن عباس فى قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا)[البقرة: ٢٣٤] ، ولم يقل: فى بيتها، فمثل هذا يجوز أن لا يبين فى ذلك الموضع، ويبين فى غيره، وقد قال الله تعالى:(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)[البقرة: ٢٢٨] ، ولم يقل فى هذا الموضع أنها تتربص فى بيتها، ثم قال فى أمر المطلقة فى الموضع الآخر:(لا تخرجوهن من بيوتهن)[الطلاق: ١] ، وقال:(أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم)[الطلاق: ٦] ، فبين فى هذا الموضع ما لم يذكر فى ذلك الموضع، وقد بين أمر المتوفى بما جاء فى حديث الفريعة، وعمل به جملة أهل العلم، ورأينا المتوفى عنها احتيط فى أمرها فى