/ ١٨ - فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ، وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِىَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا) . اختلف العلماء فى الوقف إذا لم يخرجه الواقف من يده إلى أن مات. فقالت طائفة: يصح الوقف ولا يفتقر إلى قبض. وهو قول أبى يوسف والشافعى. وقالت طائفة: لا يصح الوقف حتى يخرجه عن يده ويقبضه غيره. هذا قول ابن أبى ليلى ومالك ومحمد ابن الحسن. وحجة القول الأول أن عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب وفاطمة، رضى الله عنهم، أوقفوا أوقافًا وأمسكوها بأيديهم وكانوا يصرفون الانتفاع بها فى وجوه الصدقة فلم يبطل. واحتج الطحاوى لأبى يوسف فقال: رأينا أفعال العبادات على ضروب فمنها العتاق وينفذ بالقول؛ لأن العبد إنما يزول ملك مولاه عنه بقوله: أنت لله ومنها الهبات والصدقات لا تنفذ بالقول حتى يكون معه القبض من الذى ملكها، فأردنا أن ننظر حكم الأوقاف بأيها هى أشبه فنعطفه عليه، فرأينا الرجل إذا أوقف أرضه أو داره فإنما ملك الذى أوقفها عليه منافعها ولم يملكه من رقبتها شيئًا، إنما أخرجها من ملك نفسه إلى الله، فثبت أن نظير ذلك ما أخرجه من ملكه إلى الله، فكما كان ذلك لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول؛ كذلك الوقف لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول.