قال ابن القصار: وحجة القول الأول أنه إذا قال: وقفت. فإنما أراد البر والقربة، وأن لا ينتفع هو بشىء من ذلك، فالانتفاع يكون محبوسًا على ولده وولد ولده، فإذا انقرضوا صرف ذلك إلى أقرب الناس به من فقراء عصبته، وهذا المعنى يحصل به البر والقربة، وكذلك إذا قال: هذا وقف محرم؛ لأنه معلوم أنه قصد به البر والقربة فحمل على ما علم من قصده، كرجل أوصى بثلث ماله فإن ذلك يفرق فى الفقراء والمساكين وإن لم يسمهم؛ لأنه قد علم ذلك من قصده، ألا ترى قول سعد بن عبادة للنبى:(فإنى أشهدك أن حائطى المخراف صدقة عنها) ولم يسم على من يتصدق بالحائط، ولم ينكر ذلك النبى (صلى الله عليه وسلم) ولو لم تجز الصدقة والوقف على غير مسمين لم يترك النبى (صلى الله عليه وسلم) بيان ذلك لأن عليه فرض التبليغ والبيان. قال المهلب: ولا حاجة بنا إلى أن نذكر على من يكون الوقف؛ لأن الله قد بين أصناف الذين تجب لهم الصدقات فى كتابه، وقد مضى من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى قصة أبى طلحة ما فيه شفاء، فرأى (صلى الله عليه وسلم) فى قصة أبى طلحة أن تصرف الصدقة إلى صنف واحد وهم أقارب أبى طلحة. قال ابن القصار: فإن قيل: قد قلتم إنه إذا أوقف على من لا يولد له ولم يكن له ولد فى الحال لم يجز الوقف، وقلتم هاهنا إذا قال: وقف. صح الوقف فما الفرق؟ قيل: الفرق بينهما أنه إذا أوقفه على من لم يولد له فقد وقفه على غير موجودين؛ لأنه قد يجوز أن لا يولد له، وإذا وقفه ولم يذكر