قال المؤلف: قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا نورث ما تركنا صدقة) هو فى معنى قوله: (إن آل محمد لا تحل لهم الصدقة) ووجه ذلك والله أعلم أن لما بعثه الله إلى عباده، ووعده على التبليغ لدينه والصدع بأمره الجنة، وأمره ألا يأخذ منهم على ذلك أجرًا ولا شيئًا من متاع الدنيا بقوله تعالى:(قل ما أسألكم عليه من أجر)[الفرقان: ٥٧] وكذلك سائر الرسل فى كتاب الله كلهم تقول: لا أسألكم عليه مالا ولا أجرًا إن أجرى إلا على الله. وهو الجنة. أراد (صلى الله عليه وسلم) ألا يُنسب إليه من متاع الدنيا شىء يكون عند الناس فى معنى الأجر والثمن. فلم يحل له شىء منها؛ لأن ما وصل إلى المرء وأهله فهو واصل إليه، فلذلك والله أعلم حرم الميراث على أهله لئلا يظن به أنه جمع المال لورثته، كما حرمهم الصدقات الجارية على يديه فى الدنيا لئلا يُنسب إلى ما تبرأ منه فى الدنيا، وفى هذا وجوب قطع الذريعة. وقد روى ابن عيينة، عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة أن الرسول قال:(إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة) . فهذا عام فى جميع الأنبياء وظاهر هذا يعارض قوله تعالى:(وورث سليمان داود)[النمل: ١٦] قيل: لا معارضة بينهما بحمد الله؛ لأن أهل التأويل قالوا: ورث منه النبوة والعلم والحكمة. وكذلك قالوا فى تأويل قوله تعالى: (وإنى خفت الموالى من