وقد جعل مطرف بن الشخير ويزيد بن مرة الجعفى مجاوزة القصد فى العبادة وغيرها والتقصير عنه سيئةً. فقالا: الحسنة بين السيئتين، والسيئتان إحداهما مجاوزة القصد والثانية التقصير عنه، والحسنة التى بينهما هى القصد والعدل. قال الداودى: وقولها وما انتقم رسول الله لنفسه، يعنى إذا أوذى بغير السب الذى يخرج إلى الكفر، مثل الأذى فى المال والجفاء فى رفع الصوت فوق صوته، ونحو التظاهر الذى تظاهرت عليه عائشة وحفصة، ومثل جبذ الأعرابى له حتى أثرت حاشية البرد فى عنقه أخذا منه بقوله تعالى:(ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور)[الشورى: ٤٣] وأما إذا أوذى فذلك كفر، وهو انتهاك حرمة الله فيجب عليه الانتقام لنفسه، وكذلك فعل فى ابن خطل يوم فتح مكة حين تعوَّذ بالكعبة من القتل، فأمر بقتله دون سائر الكفار؛ لأنه كان يكثر من سبه، وقد أمر بقتل قينتين كانتا تغنيان بسبه، وانتقم لنفسه؛ لأنه من سب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد كفر، ومن كفر فقد آذى الله ورسوله، وكذلك قال:(من لكعب بن الأشراف فقد آذى الله ورسوله) ، فانتقم منه لذلك. قال المهلب: ولا يحل لأحد من الأئمة ترك حرمات الله أن تنتهك وعليهم تغيير ذلك. وقد روى عن مالك فى الرجل يؤذى وتنتهك حرمته ثم يأتيه الظالم