وقال آخرون: ليس لولى المقتول عمدًا إلا القصاص، ولا يأخذ الدية إلا أن يرضى القاتل، رواه ابن القاسم عن مالك، وهو المشهور عنه، وبه قال الثورى والكوفيون. وحجة القول الأول: قوله تعالى: (فمن عفى له من أخيه شىء)[البقرة: ١٧٨] أى ترك له دمه، ورضى منه بالدية) فاتباع بالمعروف) [البقرة: ١٧٨] ، أى فعلى صاحب الدم اتباع بالمعروف فى المطالبة بالدية، وعلى القاتل أداء بإحسان) ذلك تخفيف من ربكم) [البقرة: ١٧٨] ومعناه: أن من كان قبلنا لم يفرض عليهم غير النفس بالنفس كما قال تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس)[المائدة: ٤٥] فتفضل الله على هذه الأمة بالتخفيف والدية إذا رضى بها ولى الدم. واحتجوا أيضًا بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى وإما أن يقاد) وهذا نص قاطع فى أنه جعل أخذ الدية أو القود إلى أولياء الدم. وأيضًا من طريق النظر فإنما لزمته الدية بغير رضاه، لأن عليه فرضًا إحياء نفسه، وقد قال تعالى:(ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا)[النساء: ٢٩] . قال الطحاوى: وحجة أهل المقالة الثانية: حديث أنس بن مالك فى قصة الرُّبيِّع حين كسرت ثنية المرأة؛ فأمر النبى (صلى الله عليه وسلم) بكسر ثنيتها، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (يا أنس، كتاب الله القصاص) فلما حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالقصاص ولم