للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشواهد البينة فأمرهم غير أمر من ادعى عليه بالقتل، ولا شاهد يقوم عليه، وما ذكر من الذين انهدم عليهم الغار لا يُعارض به ما تقدم من السنة فى القسامة، وليس رأى أبى قلابة حجة على جماعة التابعين ولا ترد بمثله السنن، وكذلك محو عبد الملك من الديوان لأسماء الذين أقسموا؛ لا حجة فيه على إبطال القسامة؛ وإنما ذكر البخارى هذا كله بلا إسناد، وصدر به كتاب القسامة؛ لأن مذهبه تضعيف القسامة، ويدل على ذلك أنه أتى بحديث القسامة فى غير موضعه، وذكره فى كتاب الجزية والموادعة، واختلفوا فى وجوب القود بالقسامة، فأوجبت طائفة القود بها، روى هذا عن عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز والزهرى وربيعة وأبى الزناد، وبه قال مالك والليث وأحمد وأبو ثور. واحتجوا بحديث يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار أنه قال (صلى الله عليه وسلم) للأنصار: (تحلفون وتستحقون دم صاحبكم) وهذا يوجب القود. وقالت طائفة: لا قود بالقسامة وإنما توجب الدية، روى هذا عن عمر بن الخطاب وابن عباس، وهو قول النخعى والحسن، وإليه ذهب الثورى والكوفيون والشافعى وإسحاق، واحتجوا بما رواه مالك، عن أبى ليلى بن عبد الله عن سهل بن أبى حثمة وهو قوله (صلى الله عليه وسلم) للأنصار: (إما إن تدوا صاحبكم أوتأذنوا بحرب من الله ورسوله) وهذا يدل على الدية لا على القود. وقالوا: ومعنى قوله (صلى الله عليه وسلم) فى حديث يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار: (تستحقون دم صاحبكم) يعنى به: دية دم قتيلكم؛ لأن اليهود ليس بصاحب لهم، فإذا جاز أن يضمروا فيه؛ جاز أن يضمر فيه دية دم صاحبكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>