فكان من حجة أهل المقالة الأولى عليهم، أن قالوا: إن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إما أن تدوا صاحبكم) معارض لقوله: (تستحقون دم صاحبكم) فلما تعارض اللفظان وجب طلب الدليل على أى المعنيين أولى بالصواب، فوجدنا قوله:(إما أن تدوا صاحبكم) انفرد به أبو ليلى فى حديثه. وقد قال أهل الحديث: إن أبا ليلى لم يسمع هذا الحديث من سهل بن أبى حثمة. وقيل: إنه مجهول لم يرو عنه غير مالك، ولم يرو عنه مالك غير هذا الحديث. وقد اتفق جماعة من الحفاظ على يحيى بن سعيد فى هذا الحديث وقالوا فيه:(تستحقون دم قاتلكم) ، يعنى يسلم إليكم القتيل؛ لأنه لم يقل: وتستحقون دية دم صاحبكم، والدليل على ذلك أنهم كانوا ادعوا قتل عمدٍ لا قتل خطأ، والذى يجب على قاتل العمد القود أو الدية إن اختار ذلك ولى القتل. وروى حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبى حثمة، ورافع بن خديج أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال للأنصار: (يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته) وهذه حجة قاطعة، وهذا الحديث بين أن قوله:(دم صاحبكم) معناه: القاتل؛ لأنه صاحبهم الذى قتل وليهم، وقد يصح أن يقولوا: هذا صاحبنا الذى ادعينا عليه أنه قتل ولينا، ويجوز أن يكون معناه وتستحقون دم قاتل صاحبكم؛ لأنه من ادعى إثبات