أنكر ذلك من الصوفية، وزعم أن من صح توكله ينزل عليه طعام من السماء إذا احتاج إليه، ولا أحد أفضل من رسول الله ولا من صاحبه وصديقه وهما كانا أولى بهذه المنزلة، ولو كان كما زعموا مااحتاجا إلى سفرة فيها طعام. قال الطبرى: وفى استخفاء نبى الله وأبى بكر فى الغار عندما أراد المشركون المكر بنبيه وقتله كما وصفه الله تعالى فى كتابه بقوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك (الآيه فدخل عليه السلام مع صاحبه فى الغار حتى سكن عند الطلب ويئسوا منه ثم ارتحل متوجهًا إلى المدينة، وكان فعله ذلك حذرًا على نفسه من المشركين، فبان بذك، إذ صح فعله أنه عن أمر ربه إياه أن الحق على كل مسلم الهرب مما لا قوام له به، وترك التعرض لما لا طاقة له به،) ولو شاء الله (أن يعمى جميع المشركين يومئذ حتى لا يقدروا على رؤيته، أو يخسف بهم أجمعين حتى ينفرد رسول الله وأصحابه بالمكث فى بلدهم لكان ذلك هينًا عليه. فلم يفعل ذلك تعالى مع قدرته عليه، ليبلغ الكتاب أجله بل أمر نبيه وصاحبه بالدخول فيه، ليكون ذلك سنة لخلقه إذا رأوا منكرًا يجب تغييره فعجزوا عن القيام بتغييره وكانوا فى فسحة من ترك التعرض لما لا قبل لهم من الخوف على مهجهم ودينهم والزوال عنه، وبان ذلك فساد قول قول من قال: إن على كل من رأى منكرًا تغييره وإن فى ذلك هلاك نفسه وماله، وإن لم يفعل ذلك كان مضيعًا فرضًا لله.