وَقَالَ وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى: تمت خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ -. / ١٥ - وفيه: أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : تمت بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ: فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِىَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ -، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تمت الدِّينَ -. قال المؤلف: تفاضل المؤمنين فى أعمالهم لا شك فيه، وأن الذى خرج من النار بما فى قلبه من مقدار حبة من خردل من إيمان معلوم أنه كان ممن انتهك المحارم وارتكب الكبائر، ولم تفِ طاعته لله عند الموازنة بمعاصيه. ومن أطاع الله وقام بما وَجَبَ عليه وبرئ من مظالم العباد فلا شك أن عمله أفضل من عمل الرجل المنتهك. وقد مَثَّل ذلك (صلى الله عليه وسلم) بالقمص التى كانت تبلغ الثدى، وبقميص عمر الذى كان يجرُّه، ومعلوم أن عمل عمر فى إيمانه أفضل من عمل من بلغ قميصه ثدييه. فإيمانه أفضل من إيمانه بما زاد عليه من العمل، وتأويله (صلى الله عليه وسلم) ذلك بالدين يدل أن الإيمان الواقع على العمل يُسمى دينًا، كالإيمان الواقع على القول. وهذا يرد قول أهل البدع الذين يزعمون أن إيمان المذنبين كإيمان جبريل، وأنه لا تفاضل فى الإيمان، وقولهم غلط لا يخفى، لأن الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وسائر الخلق يملُّون ويفترون. فكيف يبلغ أحدٌ منهم منزلتهم فى العمل، وفى كتاب الله حجةٌ