للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرِضَاكِ) ، قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً، قُلْتِ بَلَى، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً، قُلْتِ: لا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ) ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلا اسْمَكَ. قال المهلب: غرضه فى كتاب هذا الباب أن يبين صفة الهجران الجائز وأن ذلك متنوع على قدر الإجرام، فمن كان جرمه كبيرًا فينبغى هجرانه واجتنابه وترك مكالمته كما جاء فى أمر كعب بن مالك وصاحبيه، وماكان من المغاضبة بين الأهل والإخوان فالهجران الجائز فيهما هجران التحية والتسمية وبسط الوجه كما فعلت عائشة فى مغاضبتها مع رسول الله. قال الطبرى: وفى حديث كعب بن مالك أصل فى هجران أهل المعاصى والفسوق والبدع، ألا ترى أنه عليه السلام نهى عن كلامهم بتخلفهم عنه، ولم يكن ذلك كفرًا ولا ارتدادًا، وإنما كان معصية ركبوها، فأمر بهجرتهم حتى تاب الله عليهم، ثم أذن فى مراجعتهم، فكذلك الحق فيمن أحداث ذنبًا خالف به أمر الله ورسوله فيما لا شبهة فيه ولا تأويل، أو ركب معصية على علم أنها معصية لله أن يهجر غضبًا لله ورسوله، ولا يكلم حتى يتوب وتعلم توبته علمًا ظاهرًا كما قال فى قصة الثلاثة الذين خلفوا. فإن قيل: فيحرج مكلم أهل المعاصى والبدع على كل وجه؟ قيل: إن كلمهم بالتقريع لهم والموعظة والزجر لهم عما يأتونه لم يكن حرجًا فإن كلمهم على غير ذلك خشيت أن يكون إثمًا، إلا من أمر لا يجد من كلامه فيه بدا فيكلمه وهو كاره لطريقته وعليه

<<  <  ج: ص:  >  >>