واجد كالذى كان من أبى قتادة فى كعب بن مالك إذ ناشده الله هل تعلم أنى أحب الله وروسوله؟ كل ذلك لا يجيبه، ثم أجابه أن قال: الله ورسوله أعلم، ولم يزده على ذلك. فإن قيل: إنك تبيح كلام أهل الشرك بالله، ولاتوجب على المسلمين هجرتهم فكيف ألزمتنا هجرة أهل البدع والفسوق، وهم بالله وروسوله مقرون؟ قيل: إن حظرنا ماحظرنا وإطلاقنا ماأطلقناه لم يكن إلا عن أمر من لا يسعنا خلاف أمره، وذلك لنهيه عليه السلام عن كلام النفر المتخلفين عن تبوك وهم بوحدانية الله مقرون ونبوة نبيه مصدقون وأما المشركون فإنما أطلقت لأهل الإيمان كلامهم لإجماع الجميع على إجازتهم البيع والشراء منهم والأخذ والإعطاء، وقد يلزم من هجرة كثير من المسلمين فى بعض الأحوال مالايلزم من هجرة كثير من أهل الكفر. وذلك أنهم أجمعوا على أن رجلا من المسلمين لو لزمه حد من حدود الله فى غير الحرم ثم استعاذ بالحرم أنه لا يبايع ولايكلم ولايجالس حتى يخرج من الحرم فيقام عليه حد الله تعالى ولله أحكام فى خلقه جعلها بينهم مصلحة لهم هو أعلم بأسبابها وعليهم التسليم لأمره فيها؛ لأن الخلق والأمر لله، تبارك الله رب العالمين.