قد تقدمت هذه الأحاديث بأمر النبي عليه السلام بتيسر فى كتاب الحدود، وفى كتاب الأحكام. قال الطبرى: ومعنى قوله: (يسروا ولا تعسروا) فيما كان من نوافل الخير دون ماكان فرضا من الله، وفيما خفف الله عمله من فرائضه فى حال العذر كالصلاة قاعدًا فى حال العجز عن القيام، وكالإفطار فى رمضان فى السفر والمرض وشبه ذلك فيما رخص الله فيه لعباده وأمر بالتيسير فى النوافل والإتيان بما لم يكن شاقًا ولافادحًا خشية الملل لها ورفها، وذلك أن أفضل العمل إلى الله أدومه وإن قل، وقال عليه السلام لبعض أصحابه:(لا تكن كفلان كان يقوم الليل فتركه) . قال غير الطبرى: ومن تيسره عليه السلام أنه لم يعنف البائل فى المسجد ورفق به، ومن ذلك أبى برزة لصلاته فرسه، وأنه رأى من تيسير النبى ماحمله على ذلك، وجماعة الفقهاء يرون أن من كان فى صلاة فانلتت دابته أنه يقطع صلاته ويتبعها؛ لأن الصلاة تدرك إعادتها وميسر دابته قاطع له. وقد تقدم فى الصلاة. قال الطبرى: وفى أمره عليه السلام بالتيسير فى ذلك معان أحدهما: الأمان من الملال. والثانية: الأمان من مخالصة العجب قلب صاحبه حتى يرى كأن له فضلاً على من قصر عن مثل فعله فيهلك، ولهذا قال عليه السلام:(هلك المتنطعون) وبلغ النبى أن قومًا أرادوا أن يختصوا وحرموا الطيبات واللحم على أنفسهم فقام النبى عليه السلام وأوعد في