للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الذي يتطير منه لو لم ينصرف من أجله ومضى فى مضيه إن أصابه مكروه من قبل مضيه لا من قبل الله. فأما من انصرف ومضى وهو فى كلا حالية معتقد أنه لا ضار ولا نافع غير الله تعالى وأن الأمور كلها بيده، فإنه غير معنى بقوله: (لا يكتوون ولا يتطيرون) . قال أبو الحسن بن القابسى: معنى لا يسترقون. يريد الاسترقاء الذى كانوا يسترقونه فى الجاهلية عند كهانهم وهو استرقاء لما ليس فى كتاب الله ولا بأسمائه وصفاته، وإنما هو ضرب من السحر، فأما الاسترقاء بكتاب الله والتعوذ بأسمائه وكلماته فقد فعله الرسول وأمر به ولا يخرج ذلك من التوكل على الله، ولايرجى فى التشفى به إلا رضا الله. وأما قوله: (وعلى ربهم يتوكلون) فقال الطبرى: اختلف الناس فى حد التوكل، فقالت طائفة: لايستحق اسم التوكل حتى لايخالط قلبه خوف شىء غير الله من سبع عاد وعدو لله كافر حتى يترك السعى على نفسه فى طلب رزقه؛ لأن الله تعالى قد ضمن أرزاق العباد والشغل بطلب المعاش شاغل عن الخدمة. واحتجوا بما رواه فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله: (من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤمن ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها) وبما رواه فضيل عن عطيه عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه الموت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>