للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت طائفة: حد التوكل على الله: الثقة به ولاستسلام لأمره والإيقان بأن قضاءه عليه ماض واتباع سنته وسنة رسوله ومن اتباع سنته سعى العبد فيما لابد له من مطعم ومشرب وملبس لقوله تعالى: (وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطعام) ومن سنته أن يحترز من عدوه كما فعل النبى عليه السلام يوم أحد من مظاهرته بين درعين وتغفره بمغفر يتقى به سلاح المشركين، وإقعاده الرماة على فم الشعب ليدفعوا من أدراد إتيانه، وكصنيعة الخندق حول المدينة حصنًا للمسلمين وأموالهم مع كونه من التوكل والثقة بربه بمحل لم يبلغه أحد ثم كان من أصحابه ما لا يجهله أحد من تحولهم عن منازلهم مرة إلى الحبشة ومرة إلى مدينته عليه السلام خوفًا على أنفسهم من مشركى مكة وهربًا بدينهم أن يفتنوهم عنه بتعذيبهم إياهم. وقد أحسن الحسن البصرى حين قال - للمخبر عن عامر بن عبد الله أنه نزل مع أصحابه فى طريق الشام على ماء فحال الأسد بينهم وبين الماء فجاء عامر إلى الماء فأخذ منه حاجته، فقيل له: قد خاطرت بنفسك قال: لأن تختلف الأسنة فى جوفى خير لى من أن يعلم الله أنى أخاف شيئًا سواه -: قد خاف من كان خيرًا من عامر موسى عليه السلام حين قيل له: (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين فخرج منها خائفًا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين) وقال: (فأصبح فى المدينة خائفًا يترقب) وقال حين القى السحرة حبالهم وعصيهم: (فأوجس فى نفسه خيفة موسى قلنا لاتخف إنك أنت الأعلي) قالوا: فالمخبر عن نفسه بخلاف ماطبع الله نفوس بنى آدم كاذب، وقد طبعهم الله على الهرب مما يضرهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>