للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة ذلك بما يكون من الصحابة، رضوان الله عليهم، فيما لا نص فيه الله وللرسول من الاختلاف بينهم، ثم لم يظهر واحد منهم لصاحبه البراء ولا الخروج من ولايته، قال: فكذلك الفريقان المقتتلان إذا كانا كلاهما طالبى الحق عند أنفسهما ورأى كل واحد منهما أنه محق كالمختلفين من أصحاب رسول الله. قيل له: أما قول من قال: كل مجتهد وإن كان غير مصيب فى خطئه حكم الله الذى طلبه فأضله فقد أخطأ، وذلك كالملتمس عين القبلة للصلاة إليها فى يوم دخن فى فلاة من الأرض بالدلائل غير موجب له التماسه إياها، وقد أخطأها أن يكون مصيبًا فى طلب جهتها، فكذلك المقتتلان على التأويل الذى يعذر فيه المخطئ؛ إذا أخطأ أحدهما حكم الله فى قتاله الفريق المصيب حكم الله. وإن عذر بالخطأ الذى وضع عنه الوزر فيه إذا كان سبيله فيما كلف فيه سبيل المحنة والابتلاء، إذا لم يوقفوا على عينه بالنص الذى لا يحتمل التأويل، وأما استشهاد من قال: كل مجتهد مصيب بإختلاف أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) فيما لا نص فيه بعينه، فإن أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) لم ينكروا فيما قالوا فيه من الاجتهاد والاستنباط أن يكون فيهم مصيب ومخطئ، فلا حجة لمحتج باختلافهم، فإذا بطل الوجه الثالث وهو أن يكونا معًا محقين ثبت أن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم) غير معنى به القتال الذى هو معونة المسلمين للمحق والقتال الذى يكون من المسلمين لأهل السّفُه والفسق للأخذ على أيديهم ومنعهم من السعى فى الأرض بالفساد. فإن قيل: فأى حالة هى التى وصف النبى (صلى الله عليه وسلم) من الفتنة أن القاعد فيها خير من القائم؟ قيل: هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>