فتنة قد نهينا عن القتال فيها، وأمرنا بكفّ الأيدى والهرب منها. وذلك مخالفة لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (خذوا على أيدى سفهائكم) ولقوله: (مثل القائم والمنتهك والمدهن فى حدود الله مثل ثلاثة نفر اصطحبوا فى سفينة، فقال أحدهم: نحفر لنأخذ الماء وقال الأخر: دعه فإنما يحفر مكانه. فإن أخذوا على يده نجا ونجوا جميعًا. . .) الحديث. فإن قال قائل: فإنك قد ذكرت أنه لا فتنة تخلو من الأسباب الثلاثة، ثم أوجبت فى جميعها على أهل البصائر بالحق النهوض مع أهله على أهل الباطل لقمعه، وقد علمت أنه لا فتنة كانت ولا تكون منذ بعث الله نبيّه (صلى الله عليه وسلم) أفضل أهلا ولا أقوم بالحق ولا أطلب له من قوم نهضوا فيها بعد مقتل عثمان فإنهم كانوا أهل السابقة والهجرة وخيار الأمة، ولم تكن فتنة يرجى بالنهوض لمعونة أحد فريقيها على الآخر ما كان يرجى فيها لو كان النهوض فى فتن المسلمين جائزًا، وقد علمت من تثبط عن النهوض فيها، ونهى عن المشى إليها وأمر بالجلوس عنها من جلة الصحابة كسعد وأسامة ومحمد بن مسلمة وأبى مسعود الأنصارى وابن عمر وأبى موسى وغيرهم يكثر إحصاؤهم. قيل له: إن سبيل كل ما احتج من أمر الدين إلى الاستخراج بالقياس والاستنباط بالعقول والأفهام سبيل ما كان من الأختلاف بين الذين نهضوا فى الفتنة التى قعد عنها من ذكرت من القاعدين فيها، ولذلك عذر أهل العلم من قعد عنها، ومن نهض فيها من أهل الدين، ولولا ذلك