بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: ٦] ، وقال:(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ)[النساء: ٩] ، وقال (صلى الله عليه وسلم) لأبى لبابة: (أمسك عليك بعض مالك) . وقال لسعد:(إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس) . وهذا من الغنى الذى لا يطغى، ولو كان كل ما زاد كان أفضل لنهاه النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يوصى بشىء، واقتصرت أيدى الناس عن الصدقات وعن الإنفاق فى سبيل الله، وقال لعمرو بن العاص:(هل لك أن أبعثك فى جيش يسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك رغبةً من المال؟ فقال: ما للمال كانت هجرتى، إنما كانت لله ولرسوله. فقال: نعم المال الصالح للرجل الصالح) . ولم يكن (صلى الله عليه وسلم) ليحض أحدًا على ما ينقص حظه عند الله، فلا يجوز أن يقال إن إحدى هاتين الخصلتين أفضل من الأخرى؛ لأنهما محنتان، وكأن قائل هذا يقول: إن ذهاب يد الإنسان أفضل عند الله من ذهاب رجله، وإن ذهاب سمعه أفضل من ذهاب بصره؛ فليس هاهنا موضع للفضل، وإنما هى محن يبلو الله بها عباده؛ ليعلم الصابرين والشاكرين من غيرهما، ولم يأت فى الحديث، فيما علمنا، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يدعو على نفسه بالفقر، ولا يدعو بذلك على أحد يريد به الخير، بل كان يدعو بالكفاف ويستعيذ بالله من شرّ فتنة الفقر وفتنة الغنى، ولم يكن يدعو بالغنى إلا بشريطة يذكرها فى دعائه. فأماّ ما روى عنه أنه كان يقول:(اللهم أحينى مسكينًا وأمتنى مسكينًا، واحشرنى فى زمرة المساكين) . فإن ثبت فى النقل فمعناه