للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: وجدت الخير فى صبر ساعةٍ. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (من يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله) معناه من يعفه الله يستعفف، ومن يصبره الله يتصبر، ومن يغنه الله يستغن، وهذا مثل قوله تعالى: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) [الليل: ٥، ٦] الآية. يبين صحة هذا قوله تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) [التوبة: ١١٨] ، فلولا ما سبق فى علمه أنه قضى لهم بالتوبة ما تابوا، وكذلك لولا ما سبق فى علم الله أنهم ممن يستعفف ويستغنى ويصبر ما قدروا على شىء من ذلك بفعلهم. يبين ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : (اعملوا فكل ميسرّ لما خلق له) وهذا حجة فى أن أفعال العباد خلق لله تعالى والصبر فى حديث المغيرة صبر على العمل بطاعة الله، لأنه كان (صلى الله عليه وسلم) يصلى بالليل حتى ترم قدماه، ويقول: (أفلا أكون عبدًا شكورًا) . قال الطبرى: وقد اختلف السلف فى حد الشكر فقال بعضهم: شكر العبد لربه على أياديه عنده رضاؤه بقضائه، وتسليمه لأمره فيما نابه من خير أو شر، ذكره الربيع بن أنس عن بعض أصحابه. وقال آخرون: الشكر لله هو الإقرار بالنعم أنها منه، وأنه المتفضل بها، وقالوا الحمد والشكر بمعنى واحد روى ذلك عن ابن عباس وابن زيد. قال الطبرى: والصّواب فى ذلك أن شكر العبد هو إقراره بأن ذلك من الله دون غيره وإقرار الحقيقة الفعل، ويصدقه العمل، فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>