للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والندم توبة، ومعنى رواية من روى: (فوالله لئن قدر الله عليه) أى ضيق عليه، كقوله: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) [الطلاق: ٧] ، وقوله: (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) [الفجر: ١٦] ، لم يرد بذلك وصف بارئه بالعجز عن إعادته حيًا، ويبين ذلك قوله فى الحديث حين أحياه ربه (قال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: مخافتك يا رب) . وبالخوف والتوبة نجا من عذابه عز وجل. وقال آخرون فى معنى قوله (لئن قدر الله علىَّ) : معناه القدرة التى هى خلاف العجز، وكان عنده أنه إذا أحرق وذرى فى البر والبحر أعجز ربه عن إحيائه، قالوا: وإنما غفر له جهله بالقدرة؛ لأنه لم يكن تقدم من الله تعالى فى ذلك الزمان بأنه لا يغفر الشرك به، وليس فى العقل دليل على أن ذلك غير جائز فى حكمة الله؛ بل الدليل فيه على أنه ذو الفضل والإحسان والعفو عن أهل الآثام، وإنما نقول: لا يجوز أن يغفر الشرك بعد قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) [النساء: ٤٨] ، فأما جواز غفران الله ذلك لولا الخبر فى كتابه فهو كان الأولى بفضله والأشبه بإحسانه لأنه لا يضره كفر كافر، ولا ينفعه إيمان مؤمن. وقال آخرون: بل غفر له وإن كان كفرًا من قوله، من أجل أنه قاله على جهل منه بخطئه؛ فظن أن ذلك صواب. قالوا: وغيرجائز فى عدل الله وحكمته أن يسّوى بين من أخطأ وهو يقصد الصواب، وبين من تعمّد الخطأ والعناد للحق فى العقاب. وقال آخرون: إنما غفر له، وإن كان كفرًا ممن قصد قوله وهو يعقل

<<  <  ج: ص:  >  >>