ما يقول؛ لأنه قاله وهو لا يعقل ما يقول. وغير جائز وصف من نطق بكلمة كفر وهو لا يعلمها كفرًا بالكفر، وهذا قاله وقد غلب على فهمه من الجزع الذى كان لحقه لخوفه من عذاب الله تعالى وهذا نظير الخبر الذى روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الذى يدخل الجنة آخر من يدخلها فيقال له: (إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها) فيقول للفرح الذى يدخله: (يا رب أنت عبدى وأنا ربك مرتين) قالوا فهذا القول لو قاله على فهم منه بما يقول كان كفرًا، وإنما لم يكن منه كفرًا لأنه قاله وقد استخفه الفرح مريدًا به أن يقول: أنت ربى وأنا عبدك، فلم يكن مأخوذًا بما قال من ذلك. ويشهد لصحة هذا المعنى قوله تعالى:(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)[الأحزاب: ٥] . قال المؤلف: وسأذكر كلام الأشعرى ومذهبه فى هذا الحديث فى كتاب الاعتصام فى باب قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ)[الفتح: ١٥] ، فهو حديث أكثر الناس فيه القول إن شاء الله. وقوله:(لم يبتئر خيرًا) فإن الأصمعى والكسائى كانا يقولان فيه: لم يقدم خيرًا. وقال غيرهما: معناه أنه لم يقدم لنفسه خيرًا خبأه لها، وقال: إن أصل الابتئار الإخفاء، يقال منه: بأرت الشىء وابتأرته ابتئارًا، ومنه سميت الحفرة: البؤرة، وفيه لغتان ابتأرت وابتيرت، ومصدره ابتئارًا. وقال صاحب العين: البئرة بوزن فعلة: ما ادخرت من شيء.