للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أنه مما له فعله، كرجل قيل له: قد سقط عنك فرض الجهاد والصيام والصلاة قائما لزمانتك وعجزك. فأنكر مفارقة العادة عند أول وهلة، فلما رجع إلى نفسه، وعلم أن الصيام يجهده والحركة والقيام يزيده فى مرضه علم جواز تركه. وقد تقدم فى كتاب الأحكام فى باب يستحب للكاتب أن يكون أمينًا عاقلاً زيادة بيان فى تصويب جمع الصديق للقرآن وأنه من أعظم فضائله. قال أبو بكر بن الطيب: فإن قيل: فما وجه جمع عثمان الناس على مصحفه، وقد سبقه أبو بكر إلى ذلك وفرغ منه؟ قيل لهم: إن عثمان لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف فقط، ولا كان التشاجر الواقع فى أيامه فى إقرارهم أنه كتاب الله بأسره، وإنما اختلفوا فى القراءات، فاشتد الأمر فى ذلك بينهم وعظم اختلافهم وتشتتهم، وأظهر بعضهم إكفار بعض والبراءة منه، وتلاعن أهل الشام وأهل العراق، وكتب الناس بذلك إلى عثمان من الأمصار وناشدوه الله فى جمع الكلمة ورفع الشتات والفرقة، فجمع عثمان المهاجرين والأنصار وجلة أهل الإسلام وشاورهم فى ذلك فاتفقوا على جمع القرآن وعرضه وأخذه للناس بما صح وثبت من القراءات المشهورة عن النبي - عليه السلام -، وطرح ما سواها واستصوبوا رأيه، وكان رأيًا سديدًا موفقا، فرحمة الله عليه وعليهم. وقد ذكر أبو عبيد بإسناده عن على بن أبى طالب قال: لو وليت لفعلت فى المصاحف الذى فعل عثمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>