فالمراد بالحرف هاهنا الوجه الذى تقع عليه العبادة. والمعنى: ومن الناس من يعبد الله على النعمة تصيبه، والخير يناله من تثمير المال، وعافية البدن، وإعطاء السؤل، ويطمئن إلى ذلك ما دامت له هذه الأمور واستقامت، فإن تغيرت حاله، وامتحنه الله بالشدة فى عيشه والضر فى بدنه ترك عبادة ربه وكفر به، فهذا عَبَد الله على وجه واحد، وذلك معنى الحرف والوجه. الثانى: أن يكون النبى (صلى الله عليه وسلم) سمى القراءات أحرفًا على طريق السعة كنحو ما جرت عليه عادة العرب فى تسميتهم الشىء باسم ما هو منه وما قاربه وما جاوره، وتعلق به ضربًا من التعلق وتسميتهم الجملة باسم البعض منها، فسمى النبى القراءة حرفًا، وإن كان كلامًا كثيرًا من أجل أن منها حرفًا قد غير بضمة أو كسر أو قلب إلى غيره، أو أميل أو زيد فيه أو نقص منه على ما جاء فى المختلف فيه من القراءات، فنسب النبى القراءة والكلمة التامة إلى ذلك الحرف المغير، فسمى القراءة به؛ إذ كان ذلك الحرف منها على عادة العرب فى ذلك كما يسمون القصيدة قافية، إذ كانت القافية كقول الخنساء: وقافية مثل حد السنان تبقى ويهلك من قالها تعنى: قصيدة، فسميت قافية على طريق الاتساع، كما يسمون الرسالة والخطبة: كلمة، إذ كانت الكلمة منها. قال تعالى:(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى)[الأعراف: ١٣٧] ،