بهاتين القراءتين هو الله سبحانه، وذلك أنه مالك يوم الدين وملكه، فقد اجتمع له الوصفان جميعًا فأخبر بذلك فى القراءتين ونحو ذلك:(بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)[البقرة: ١٠] ، بتخفيف الذال وتشديدها؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعًا هم المنافقون، وذلك أنهم كانوا يكذبِون فى أخبارهم ويكذبون النبي (صلى الله عليه وسلم) . والثالث: اختلاف اللفظ والمعنى جميعًا مع امتناع جواز اجتماعهما فى شىء واحد كقوله تعالى: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا)[يوسف: ١١٠] بالتشديد؛ لأن المعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنه إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم، فالظن فى القراءة الأولى يقين والضمير الأول للرسل، والثانى للمرسل إليهم، والظن فى القراءة الثانية شك، والضمير الأول للمرسل إليهم والثانى للرسل، ويشبه ذلك من اختلاف القراءتين اللتين لا يصح أن تجتمعا فى شىء واحد لتضاد المعنى، وكل قراءة منهما بمنزلة آية قائمة بنفسها. وأما هذه السبعة الأحرف؛ فإنه لا يمكن القراءة بها فى ختمة واحدة، فإذا قرأ القارئ برواية من رواية القراء، فإنما قرأ ببعضها لا بكلها؛ لأنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة أحرف سبعة أوجه من اللغات كنحو اختلاف الإعراب والحركات والسكوت، والإظهار والإدغام، والمد والقصر وغير ذلك مما قدمناه. وإذا كان كذلك فمعلوم أنه من قرأ بوجه من هذه الأوجه، فإنه لا يمكنه أن يحرك الحرف ويسكنه فى حالة واحدة أو يقدمه ويؤخره، أو يظهره ويدغمه، أو يمده ويقصره، أو يفتحه ويمليه وشبه ذلك، غير أنا لا ندري أى هذه السبعة أحرف كان آخر العرض، وأن جميع هذه الأحرف قد ظهر واستفاض عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وضبطتها الأمة