الاختلاف وأذن فيه لأمته بالأخبار الثابتة، وفيما روى أبو عبيد قال: حدثنا نعيم بن حماد حدثنا بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك قال: سمعت شيخًا يكنى أبا محمد، عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (اقرءوا القرآن بلحن العرب وأصواتها) ولحونها وأصواتها: مذاهبها وطباعها. ووجه هذا الاختلاف فى القرآن أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يعرض القرآن على جبريل فى كل عام عرضة، فلما كان العام الذى توفى فيه عرضه عليه مرتين، فكان جبريل يأخذ عليه فى كل عرضة بوجه من هذه الوجوه والقراءات المختلفة، ولذلك قال (صلى الله عليه وسلم) : (إن القرآن أنزل عليها، وإنها كلها كاف شاف) وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها؛ إذ كانت كلها من عند الله منزلة، ومنه (صلى الله عليه وسلم) مأخوذة، ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بأجمعها؛ بل هى مخيرة فى القراءة بأى حرف شاءت منها كتخييرها إذا حنثت فى يمين أن تكفر إن شاءت بعتق أو بإطعام أو بكسوة، وكالمأمور فى الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك، ألا ترى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) صوب من قرأ ببعضها كما صوب قراءة هشام بن حكيم وقراءة عمر بن الخطاب حين تناكرا القراءة وأقر أنه كذلك قرئ عليه، وكذلك أنزل عليه. وأما على كم وجه يشتمل اختلاف هذه السبعة الأحرف؛ فإنه يشتمل على ثلاثة معان: أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد، نحو قوله تعالى:(الصِّرَاطَ)[الفاتحة: ٦] بالصاد والسين والزاى و) عليهم (و) إليهم (بضم الهاء مع إسكان الميم، وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها وشبه ذلك. والثانى: اختلاف اللفظ، والمعنى جميعًا مع جواز أن يجتمعا فى شىء واحد، لعدم تضاد اجتماعهما فيه، نحو قوله: (ملك يوم الدين) بغير الألف، و) مالك (بالألف لأن المراد