ومن الحجة لهذا القول أيضًا حديث ابن معقل فى وصف قراءة رسول الله وفيه (ثلاث مرات) وهذا غاية الترجيع ذكره البخارى فى كتاب الاعتصام وسئل الشافعى عن تأويل ابن عيينة فقال: نحن أعلم بهذا، لو أراد (صلى الله عليه وسلم) الاستغناء لقال: من لم يستغن بالقرآن. ولكن لما قال (صلى الله عليه وسلم) : يتغن بالقرآن. علمنا أنه أراد به التغنى، وكذلك فسر ابن أبى مليكة التغنى أنه تحسين الصوت به، وهو قول ابن المبارك والنضر بن شميل. وممن أجاز الإلحان فى القراءة: ذكر الطبرى عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول لأبى موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ أبو موسى ويتلاحن. وقال مرة: من استطاع أن يغني بالقرآن غناء أبي موسى فليفعل. وكان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتًا بالقرآن. فقال له عمر: اعرض علىّ سورة كذا، فقرأ عليه فبكى عمر وقال: ما كنت أظن أنها نزلت. وأجازه ابن عباس وابن مسعود، وروى عن عطاء بن أبى رباح، واحتج بحديث عبيد بن عمير، وكان عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد يتتبع الصوت الحسن فى المساجد فى شهر رمضان. وذكر الطحاوى عن أبى حنيفة وأصحابه أنهم كانوا يسمعون القرآن بالألحان، وقال محمد بن عبد الحكم: رأيت أبى والشافعى ويوسف بن عمير يسمعون القرآن بالألحان. واحتج الطبرى لهذا القول، وقال: الدليل على أن معنى الحديث: تحسين الصوت والغناء المعقول الذى هو تحزين القارئ سامع قراءته، كما الغناء بالشعر هو الغناء المعقول الذى يطرب السامع؛ ما روى سفيان عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن النبي - عليه السلام - قال: (ما أذن الله لشىء ما أذن لنبي