حسن الترنم بالقرآن) ، ومعقول عند ذوى الحجا أن الترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه المترنم وطرب به. وروى فى هذا الحديث: ما أذن الله لشىء ما أذن لنبى حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به، رواه يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبى (صلى الله عليه وسلم) . قال الطبرى: وهذا الحديث أبين البيان أن ذلك كما قلنا، ولو كان كما قال ابن عيينة لم يكن كذلك، وحسن الصوت والجهر به معنى. والمعروف فى كلام العرب أن التغنى إنما هو الغناء الذى هو حسن الصوت بالترجيع، وقال الشاعر: تغن بالشعر أما كنت قائله إن الغناء لهذا الشعر مضمار قال: وأما ادعاء الزاعم أن تغنيت بمعنى استغنيت فاش فى كلام العرب وأشعارها، فلا نعلم أحدًا من أهل العلم بكلام العرب قاله، وأما احتجاجه ليصح قوله بقول الأعشى: وكنت امرءًا زمنًا بالعراق عفيف المناح طويل التغن وزعم أنه أراد بقوله: طويل التغن: طويل الاستغناء، أى الغنى، فإنه غلط، وإنما عنى الأعشى بالتغنى فى هذا الموضع الإقامة من قول العرب: غنى فلان بمكان كذا إذا أقام به، ومنه قوله تعالى:(كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا)[الأعراف: ٩٢] ، وأما استشهاده بقوله: كلانا غنى عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا فإنه إغفال منه، وذلك أن التغانى تفاعل من نفسين، إذا استغنى كل واحد منهما عن صاحبه كما يقال: تضارب الرجلان إذا ضرب كل واحد منهما صاحبه، وتشاتما وتقاتلا، ومن قال هذا القول فى فعل اثنين لم يجز أن يقول مثله فى فعل الواحد، وغير جائز