للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل على إبطال قولكم قول موسى لآدم: أنت الذى أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها الجنة المعروفة؛ جنة الخلد التى وعد الله المؤمنين بها، التى لا عوض لها فى الدنيا فلم ينكر ذلك آدم عليه من قوله، ولو كانت غير جنة الخلد لرد آدم على موسى، وقال: إنى أخرجتهم من دار فناء وشقاء وزوال وعرى إلى مثلها، فلما سكت آدم على ما قرره موسى؛ صح أن الدار التى أخرجهم الله منها بخلاف الدار التى أخرجوا إليها فى جميع الأحوال، ويقال لهم فيما احتجوا به: إن الله خلق الجنة لا لغو فيها ولا تأثيم، ولا كذب، ولا يخرج منها أهلها هذا كله بما جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، وقد أخبر: أن آدم إن عصاه فيما نهاه عنه أخرجه عنها، ولا يمتنع أن تكون دار الخلد فى وقت لمن أراد تخليده فيها، وقد يخرج منها من قضى عليه الفناء. وقد أجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهل الجنة ويخرجون منها، وأنها كانت بيد إبليس مفاتيحها ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها النبى (صلى الله عليه وسلم) ليلة الإسراء، ثم خرج منها وأخبر بما رأى فيها، وأنها هى جنة الخلد حقًا، وقولهم كيف يجوز على آدم فى كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو فى دار الخلد؛ فيرد عليهم،، ويقال لهم: كيف يجوز على آدم فى كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد فى دار الفناء؛ هذا لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل، وأما عقولهم: إن الجنة دار القدس وقد طهرها الله من الخطايا؛ فهو جهل منهم، وذلك أن الله سبحانه أمر بنى إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة وهى بالشام، وأجمع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>