عليه؛ لأنه لو عاقبه عليه لما كان يسكنه الجنة حين أسكنه إياها، وذلك أن القضاء عليه بذلك قد كان مضى قبل أن يخلقه؛ فإنما استحق العقوبة على فعله، لا على ما قضى عليه؛ وبمثل هذا أقر موسى لآدم بصحة حجته، ولم يقل له كما زعمت القدرية: ليس الأمر كما تزعم؛ لأن الله لو قضى عليك ذلك قبل أن يخلقك لم يعاقبك، ولكن لما كان من دين الله الذى أخذ بالإقرار به عهود أنبيائه ومواثيقهم أنه لا شىء كان فيما مضى ولا فيما يحدث إلا قد مضى به قضاؤه؛ فإنه غير معاقبهم على قضائه، ولكن على طاعتهم ومعاصيهم، وكان ذلك معلومًا عند الأنبياء والرسل، أقر موسى لآدم صلى الله عليهما بأن الذى احتج به عليه له حجة؛ وحقق صحة ذلك نبينا (صلى الله عليه وسلم) بقوله: فحج آدم موسى. قال غير الطبرى: وفى حديث أبى هريرة حجة لما يقوله أهل السنة: أن الجنة التى أهبط منها أبونا آدم (صلى الله عليه وسلم) هى جنة الخلد، ورد قول من زعم أنها لم تكن جنة الخلد، قالوا: وإنما كانت جنة بأرض عدن، واحتجوا على بدعتهم فقالوا: أن الله خلق الجنة لا لغو فيها ولا تأثيم، وقد لغا فيها إبليس حين كذب لآدم، وأثم فى كذبه، وأنه لا يسمع أهلها لغوًا ولا كذبًا، وأنه لا يخرج منها أهلها، وقد أخرج منها آدم وحواء بمعصيتهم، قالوا: وكيف يجوز على آدم مع مكانه من الله وكمال عقله أن يطلب شجرة الخلد، وهو فى دار الخلود والملك الذى لا يبلى؟ وأيضًا فإن جنة الخلد دار القدس: قدست عن الخطايا والمعاصى كلها تطهيرًا لها؛ فيقال لهم: