غير عجزة قادرين، ولم يرد أنه لا يؤمر إلا من قد وجدت قدرته على الفعل كما تقول القدرية. وقال المهلب: من احتج بهذا الحديث أن النواهى أوجب من الأوامر فهو خطأ؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) لم ينه بهذا الحديث عن المحرمات التى نهى الله عنها فى كتابه بأن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وإنما أراد فإذا نهيتكم عما هو مباح لكم أن تأتوه، فإنما نهيتكم رفقًا بكم، كنهيه عن الوصال إبقاءً عليهم، وكنهيه عبد الله بن عمرو عن صيام الدهر وقيام الليل كله، وكنهيه عن إضاعة المال؛ لئلا يكون سببًا لهلاكهم، وكنهيه عن كسب الحجام وعسب الفحل تنزهًا واعتلاءً عن الأعمال الوضيعة. وأما الأمر الذى أمرهم أن يأتوا منه ما استطاعوا، فهو الأمر من التواصى بالخير، والصدقات وصلة الرحم، وغير ذلك مما سنه، وليس بفرض ولذلك قال لهم: فائتوا ما استطعتم أى: لم آمركم بذلك أمر إلزام ولا أمر حتم أن تبلغوا غاياته لكن ما استطعتم من ذلك؛ لأن الله تعالى عفا عما لا يستطاع. وعلى هذا المعنى خرج معنى الحديث منه (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأن أصحابه كانوا يكثرون سؤاله عن أعماله من الطاعات يحرصون على فعلها فكان ينهاهم عن التشديد ويأمرهم بالرفق؛ خشية الانقطاع وسأتقصى مذاهب العلماء فى الأمر والنهى فى باب النهى على التحريم إلا ما يعرف إباحته بعد هذا إن شاء الله تعالى.