الأمر بسؤال العلماء والبحث عن العلم؛ بقوله تعالى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)[النحل: ٤٣] . فالجواب عنه: أن الذى أمر الله عباده بالسؤال عنه هو ما ثبت وتقرر وجوبه مما يجب عليهم العمل به، والذى جاء فيه النهى هو ما لم يتعبد الله عباده به، ولم يذكره فى كتابه، وقد سئل ابن عباس عن قوله تعالى:(لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ)[المائدة: ١٠١] الآية قال: ما لم يذكر فى القرآن فهو مما عفا الله عنه، ألا ترى أن الله لم يجب اليهود عن سؤالهم عن الروح لما لم يكن مما لهم به الحاجة إلى علمه، وكان من علم الله الذى لم يطلع عليه أحدًا فقال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)[الإسراء: ٨٥] ، فنسبهم تعالى فى سؤالهم عما لم ينبغى لهم السؤال عنه إلى قلة العلم، وقال مالك: قيل وقال هو هذه الأخبار والأراجيف فى رأيى، أعطى فلان كذا ومنع كذا بقوله:(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)[التوبة: ٦٥] ، فهؤلاء يخوضون، رواه عنه أشهب فى جامع المستخرجة. وأما قول بعض اليهود حين سألوه عن الروح: لا تسألوه يسمعكم ما تكرهون. فإنما قال ذلك لعلمه أنهم كانوا معنتين والمعنت من عقوبته أن يخاطب بما يكره. وأما قول (صلى الله عليه وسلم) فى حديث أنس: (لن يبرح الناس يسألون: