وقوله تعالى:(لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)[المائدة: ١٠١] يحذر مما نزل بهؤلاء القوم ثم وعد أنه إن سألوا عنها حين نزول القرآن ضيق عليهم، وقد قال بعض أصحابنا: إنه بقيت منه بقية مكروهة وهو أن التنطع فى المسألة والبحث عن حقيقتها يلزم منها أن يأتى بذلك الشرع على الحقيقة التى انكشفت له فى البحث وذلك مثل أن يسأل عن سلع الأسواق الممكن فيها الغصب والنهب هل له شراء ذلك فى سوق المسلمين، وهو يمكن فيه ذلك المكروه أم لا؟ فيفتى بأن له أن يبتاع ذلك، ثم إن تنطع، فقال: إن قام الدليل على السلعة أنها من نهب أو غصب هل لى أن أشتريها؟ فيفتى بأن لا يشتريها فهذا الذى بقى من كراهة السؤال والتنطع حتى الآن فى النسخ الذى كان يمكن حين نزول القرآن والتضيق المشروع. وقد سئل مالك عن قيل وقال وكثرة السؤال؟ فقال: لا أدرى أهو ما أنهاكم عنه من كثرة المسائل، فقد كره رسول الله المسائل وعابها، أو هو مسألة الناس أموالهم. وكان زيد ابن ثابت وأبى بن كعب وجماعة من السلف يكرهون السؤال فى العلم عما لم ينزل، ويقولون: إذا نزلت النازلة وفق المسئول عنها، ويرون الكلام فيما لم ينزل من التكلف. وقال مالك: أدركت أهل هذا البلد وما عند أحدهم علم غير الكتاب والسنة، فإدا نزلت النازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء، فما اتفقوا عليه أنفذه، وأنتم تكثرون المسائل وقد كرها رسول الله. فإن قيل: فإذا ثبت النهى عن كثرة السؤال والبحث فى هذه الأحاديث، فقد جاء فى كتاب الله ما يعارض ذلك، وهو