للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢] ، ألا ترى فهم عمر لهذا الأمر وتلافيه له؛ بأن برك على ركبتيه، وقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيا وقال مرة: إنا نتوب إلى الله. فسكت (صلى الله عليه وسلم) وسكن غضبه، ورضى قول عمر حين ذب عن نبيه ونبّه على التوبة مما فيه إغضابه أن يؤدى إلى غضب الله، وقد ذكرنا شيئًا من هذا المعنى فى كتاب الفتن فى باب التعوذ من الفتن الدليل على صواب فعل عمر قول النبى (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك: (أولى والذى نفسى بيده) يعنى: أولى لمن عنَّت نبيه فى المسألة وأغضبه، ومعنى أولى عند العرب التهدد والوعيد. وقال المهلب: يقال للرجل: إذا أفلت من عظيمة: أولى لك. أى: كدت تهلك ثم أَفْلَتَّ، ويروى عن ابن الحنفية أنه كان يقول: إذا مات ميت فى جواره: أولى لى، كدت والله أن أكون السواد المخترم. قال المهلب: وأصل النهى عن كثرة السؤال والتنطع فى المسائل مبين فى كتاب الله تعالى فى بقرة بنى إسرائيل أمرهم الله بذبح بقرة فلو ذبحوا أى بقرة كانت لكانوا مؤتمرين غير عاصين، فلما سألوا ما هى وما لونها؟ قيل لهم: لا فارض ولا بكر. ضيق عليهم وقد كان ذلك مباحٌ، وكذلك ضيق عليهم فى لونها فقيل لهم: صفراء. فمنعوا من سائر الألوان، وقد كان ذلك مباحًا لهم، ثم لما قالوا: إن البقر تشابه علينا، قيل لهم: لا ذلول حرّاثه ولا ساقية للحرث أى معلمة لاستحراج الماء وقد كان ذلك مباحًا لهم، فعز عليهم وجود هذه الصفة المضيق عليهم فيها حتى أمرهم أن يشتروها بأضعاف ثمنها عقوبة بسؤالهم عما لو يكن لهم به حاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>