كثير من أصحاب الشافعي: إن الأمر موضوع للندب إلى الفعل فإن اقترن به ما يدل على كراهية تركه من ذم أو عقاب كان واجبًا، وقال به كثير من الفقهاء، واستشهد عليه الشافعى بقوله تعالى:(وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ)[البقرة: ٢٨٢] ، وأمثاله مما ورد الأمر به على سبيل الندب. قال ابن الطيب: وقد دل بعض كلامه على أن مذهبه الوقف. وقال أبو الحسن الأشعرى وكثير من الفقهاء والمتكلمين: إنه محتمل للأمرين. قال ابن الطيب: وهذا الذى نقول به. قال غيره: والحجة للجماعة أن النهى على التحريم أنه موجب اللغة ومقتضاها، فإن من فعل ما نهى عنه استحق اسم العصيان؛ لأنه لا ينهى إلا عن قبيح قبل النهى، وعما هو له كاره، وقد فهمت الأمة تحريم الزنا، ونكاح المحرمات، والجمع بين الأختين، وتحريم بيع الغرر، وبيع ما لم يقبض بمجرد نهى الله تعالى ونهى رسوله عن ذلك لا شىء سواه. قال أبو التمام: وأما الحجة لوجوب الأمر فإن الله تعالى أطلق أوامره فى كتابه ولم يقرنها بقرينة، وكذلك فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) فعلم أن إطلاق الأمر يقتضى وجوبه، ولو افتقر إلى قرينة لقرنت به. والعرب لا تعرف القرائن، وإنما هو شىء أحدثه متأخرو المتكلمين فلا يجوز أن يقال: إن لفظ الأمر لا تأثير له فى اللغة وأنه يحتاج إلى قرينة، وقد قال تعالى:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: ٦٣] ، فوجب بهذا الوعيد حمل الأمر على الوجوب. وحجة الذين قالوا بالوقف وطلب الدليل على المراد بالأمر أن الأمر قد يرد على معان، فالواجب أن ينظر فإن وجد ما يدل على غير الواجب حمل عليه، وإلا فظاهره الوجوب؛ لأن قول القائل: افعل