لا يفهم منه لاتفعل ولا افعل إن شئت، إلا أن يصله بما يعقل به التخيير، فإذا عدم ذلك وجب تنفيذ الأمر، واحتجوا على وجوب طلب الدليل والقرينة على المراد بالأمر، فقالوا: اتفق الجميع على جنس الاستفهام عن معنى الأمر غذا ورد هل هو على الوجوب أو الندب؟ ولو لم يصلح استعماله فيه لقبح الاستفهام عنه؛ لأنه لا يحسن أن يستفهم هل أريد باللفظ ما لا يصلح إجراؤه عليه إذا لا يصلح إذا قال القائل: رأيت إنسانًا. أن يقال له: هل رأيت إنسانًا أو حمارًا. وحسن أن يقال له: أذكرًا رأيت أم أنثى لصلاح وقوعه عليهما. وقد ثبت قبح الاستفهام مع القرائن الدالة بالمحتمل من اللفظ، وإنما يسوغ الاستفهام مع التباس الحال وعدم القرائن الكاشفة عن المراد. قال المؤلف: وما ذكر البخارى فى هذا الباب من الآثار يبطل هذا القول؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) حين أمرهم بالحل وإصابة النساء بين لهم أن أمره إياهم بإصابة النساء ليس على العزم، ولولا بيانه ذلك لكانت إصابتهم للنساء واجبة عليهم وكذلك بين لهم (صلى الله عليه وسلم) بنهيه النساء عن اتباع الجنائز أنه لم يكن نهى عزم ولا تحريم، ولولا بيانه ذلك لفهم من النهى بمجرده التحريم، وكذلك بين لهم بالقيام عن القراءة عند الاختلاف ليس على الوجوب؛ لأنه أمرهم بالائتلاف على ما دل عليه القرآن وحذرهم الفرقة. فإذا حدثت شبهة توجب المنازعة فيه أمرهم بالقيام عن الاختلاف ولم يأمرهم بترك قراءة القرآن إذا اختلفوا فى تأويله لإجماع الأمة على قراءة القرآن لمن فهمه ولمن لم يفهمه، فدل أن قوله: (قوموا