عنه) على وجه الندب لا على وجه التحريم للقراءة عند الاختلاف. وكذلك رآى عمر فى ترك كتاب رسول الله لهم حين غلبه الوجع من أجل تقدم العلم عنده وعند جماعة المؤمنين أن الدين قد أكمله الله، وأن الأمة قد اكتفت بذلك، فلا يجوز أن يتوهم أن هناك شيئًا بقى على النبى تبليغه فلم يبلغه لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)[المائدة: ٦٧] ، وبقوله:(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ)[الذاريات: ٥٤] ، وقد أنبأنا الله أنه أكمل به الدين فقال:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)[المائدة: ٣] . وإذا ثبت هذا بأن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (هلموا اكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده) محمول على ما أشار به عمر بأنه قول من قد غلبه الوجع وشغل بنفسه، واكتفى بما أخبر الله تعالى به من إكمال الدين، وبأن بهذا مقدار علم عمر وتبريزه على ابن عباس فكل أمر لله تعالى وللرسول لم يكن واجبًا على العباد قد جاء معه من بيان النبى (صلى الله عليه وسلم) بتصريح أو بدليل ما فهم به أنه على غير اللزوم. وقد فهم الصحابة ذلك من فحوى خطابه (صلى الله عليه وسلم) وكل أمر عرى عن دليل يخرجه عن الوجوب، وجب حمله على الوجوب؛ إذ لو كان مراد الله به غير الوجوب لبينه النبى (صلى الله عليه وسلم) لأمته، فوجب أن يكون ما عرى من بيانه (صلى الله عليه وسلم) أنه على غير الوجوب غير مفتقر إلى طلب دليل أو قرينة أن المراد به الوجوب؛ لقيام لفظ الأمر بنفسه، وكذلك ما عرى من نهيه (صلى الله عليه وسلم) من دليل