للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثبت أن ما لم يكن ثم كان محدث مخلوق، فرزقه إذًا صفة من صفات أفعاله، وأما وصفه بأنه الرزاق فلم يزل البارى واصفًا لنفسه بأنه الرزاق، ومعنى ذلك أنه سيرزق إذا خلق المرزوقين، وأما صفة الذات فالقوة، والقوة والقدرة اسمان مترادفان على معنى واحد، والبارى تعالى لم يزل قادرًا قويًا ذا قدرة وقوة، وإذا كان معنى القوة معنى القدرة، فالقدرة لم تزل موجودة قائمة به موجبة له حكم القادرين. وقوله تعالى: (الْمَتِينُ (: الثابت الصحيح الوجود، ومعنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ما أحد أصبر على أذىً سمعه من الله ترك المعاجلة بالنقمة والعقوبة، لا أن الصبر منه معناه كمعناه منا، كما أن رحمته تعالى لمن يرحمه ليس معناها معنى الرحمة منا؛ لأن الرحمة منا رقة وميل طبع إلى نفع المرحوم، والله عز وجل يتعالى عن وصفه بالرقة وميل الطبع؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) ليس بذى طبع وإنما ذلك من صفات المحدثين. وقوله: (على أذى سمعه) معناه: أذى لرسله وأنبيائه والصالحين من عباده لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به تعالى؛ لأن الأذى من صفات النقص التى لا تليق بالله إذ الذى يلحقه العجز والتقصير على الانتصار ويصبر جبرًا هو الذى يلحقه الأذى على الحقيقة، والله تعالى لا يصبر خبرًا وإنما يصبر تفضلا، والكناية فى الأذى راجعة إلى الله والمراد بها أنبياؤه ورسله؛ لأنهم جاءوا بالتوحيد لله تعالى ونفى الصاحبة والولد عنه، فتكذيب الكفار لهم فى إضافة الولد له تعالى أذى لهم ورد

<<  <  ج: ص:  >  >>