للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما جاءوا به، فلذلك جاز أن يضاف الأذى فى ذلك إلى الله تعالى إنكارًا لمقالتهم وتعظيمًا لها؛ إذ فى تكذيبهم للرسل فى ذلك إلحاد فى صفاته تعالى، ونحوه قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: ٥٧] ، تأويله الذين يؤذون أولياء الله وأولياء رسوله، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه فى الإعراب، والمحذوف مراد، نحو قوله: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف: ٨٢] ، يعنى أهل القرية. وقد تضمن هذا الباب الرد على من أنكر أن لله صفة ذات هى قدرة وقوة لاعتقادهم أنه قادر بنفسه لا بقدرة، والله تعالى قد نص على أن له قدرة بخلاف ما تعتقد القدرية من أنه قوى بنفسه لا بقوة. وفيه: رد على المجسمة القائسين للغائب على الشاهد قالوا: كما لم نجد قويا ولا ذا قوة فيما بيننا إلا جسمًا كذلك الغائب حكمه حكم الشاهد، فيقال لهم: إن كنتم على الشاهد تقولون وعليه تعتمدون فى قياس الغائب عليه، فكذلك لم تجدوا جسمًا إلا ذا أبعاض وأجزاء مؤلفة، فيصح عليه الموت والحياة والعلم والجهل والقدرة والعجز، فاقضوا على أن الغائب حكمه حكم هذا فإن مروا عليه ألحدوا وأبطلوا الحدوث والمحدث، وإن أبوه نقضوا استدلالهم ولا انفكاك لهم من أحد الأمرين. ومن هذه الجهة دخل على المعتزلة الخطأ فى قياسهم صفات الله على صفات المخلوقين، والله تعالى لا يشبه المخلوقين؛ لأنه الخالق ولا خالق له وقد أعلمنا الله تعالى بالحكم فى ذلك فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ) [الشورى: ١١] ، فكيف يشبه الخالق بالمخلوق، ومن ليس كمثله شىء كمن له مثل من الأشياء المخلوقة؟ وهذا ما لا يخفى فساده وإبطاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>